عندما كانت الانتخابات فى الزمن المباركى الغابر تجرى فى الصيف القائظ كانت ضربة الشمس نادرة أو شبه معدومة لسبب بسيط، وهو أنه لم يكن هناك ناخبون من أصله لكى تحدث لهم ضربة شمس!، ما شهدته فى اليوم الأول للانتخابات يثبت أننا نفتقد لثقافة إسعاف مريض ضربة الشمس أو التعامل معها والوقاية منها، وأنا للأسف قد انتخبت فى الثانية عشرة ظهراً، وشهدت حالات إعياء شديدة خاصة من كبار السن، الذين ضربتهم الشمس بسوطها اللاذع اللاسع وأشعتها الحارقة الخارقة، وشهدت للأسف بعض من كانوا يصرون على أن يقف كبير السن فى الطابور أو مريض السكر أو القلب، هى بالفعل مشاهد قليلة جداً ولكنها يجب أن تختفى، ويجب أن نصدق كل من يقول لنا فى الطابور إنه مريض سكر أو قلب ولا نتوجس أنه يكذب أو يهزر، حتى ولو كان كذلك لن نخسر شيئاً إذا لم يكن صادقاً، ولكن سنخسر كثيراً إذا كان الواقف فى الطابور مريضاً بحق.

فى هذا الجو الحار المرعب لا بد أن نعرف بعض المعلومات عن ضربة الشمس، حرارتها وأشعتها تحدث خللاً فى المراكز الحساسة بالمخ، وبصفة خاصة مركز تنظيم الحرارة Heating Regulating System، فيعجز عن حفظ الحرارة عند معدلها الطبيعى، وتحدث أكثر لدى الأطفال وكبار السن، ومرضى القلب والسكر ومدمنى الكحول والمخدرات، والسياح الأجانب الذين لم يتعودوا مثل هذا الحر اللافح.

ماذا يحدث؟، ترتفع درجة حرارة المريض إلى أكثر من 40 درجة مئوية، مع صداع ودوخة واحمرار وتوقف العرق، ونبض سريع غير منتظم، وتنفس صعب وتذبذب فى الضغط ما بين ارتفاع وانخفاض، وضيق حدقة العين ومن الممكن أن تحدث تشنجات، لكن ما هو العلاج؟

لحين نقل المريض إلى المستشفى وحتى يأتى الإسعاف لا بد من نقل المصاب إلى الظل وخلع ملابسه الخارجية واستلقائه مع رفع رأسه إلى أعلى من مستوى الجسم وعمل كمّادات باردة على الأطراف، فى المستشفى أو فى البيت لا بد من ملاحظة العلامات الحيوية (التنفس، النبض، الحرارة) مع إعطاء المحاليل والأكسجين عند اللزوم، وفى حالة توقف التنفس يجرى له التنفس الصناعى، وفى حالة حدوث التشنجات يعطى المريض مهدئات.

أشهر ضربات الشمس فى التاريخ المصرى هى ضربة شمس دنشواى التى قتلت الضابط الإنجليزى، الذى ظل يركض ثمانية كيلومترات هرباً من انتقام الفلاحين بعد أن أصابت رصاصته أم محمد زوجة مؤذن القرية وأحرقت جرن القمح، التى بسببها تم إعدام أربعة وسجن 12 من أبناء القرية.

يا ليت حظ مصر من ضربة شمس انتخابات يونيو 2012 يكون أفضل من ضربة شمس يونيو دنشواى 1906